راوية عطية .. رحلة كفاح جسدت أسمى معانى الوطنية .. أول امرأة نائبة فى البرلمان وضابط فى الجيش المصرى
راوية عطية .. رحلة كفاح شاهدا على وطنيتها وعشقها لمصر ، بدأتها منذ نعومة أظافرها ، فقادت مظاهرات ضد الاحتلال فى الحادية عشر من عمرها ، وانشغلت بخدمة الجرحى من الجنود والضباط فالتحقت بإدارة الخدمات الطبية للقوات المسلحة ، فكانت أول إمرأة ضابط في الجيش المصري وصلت لرتبة نقيب، ليس هذا فحسب بل واصلت راوية عطية كفاحها لتكون أول أمرة نائبة فى البرلمان المصرى ومن منبره جلجل صوتها بالمطالب والحقوق ، كما سطع نجمها فى العمل التطوعى والاجتماعى ، ولقبت بأم الشهداء لرعايتها بأبناء المحاربين، أنها نموذج لكفاح المرأة المصرية العاشقة لتراب وطنها التى قال عنها الرئيس الراحل جمال عبد الناصر "لقد آمنت بكفاح المرأة المصرية من كفاح السيدة راوية عطية"...
اقرأ أيضا .. شيخ الخطاطين خضير البورسعيدى .. عاشق الحروف والكلمات
نشأتها
ولدت راوية شمس الدين عطية وشهرتها راوية عطية فى 19 إبريل عام 1926 بمحافظة الجيزة ، تربت على العمل السياسى منذ طفولتها ، فوالدها من الرواد الأوائل فى العمل السياسى ، كان سكرتير عام حزب الوفد عن محافظة الغربية و دخل السجن بسبب آرائه السياسية، وكان صديقا حميما للنحاس باشا ..
التحقت راوية عطية
بمدرسة الأميرة فوزية الثانوية فى سن العاشرة ، وبالرغم من حداثة سنها كانت متشبعة
بروح وطنية وثابة ورثتها عن والدها ، وكان دورها قياديا بين
زملائها ، وحرصت على الاشتراك فى كل مظاهرة قامت بها المدرسة ضد الاستعمار ، بعد حصولها
على الثانوية العامة التحقت راوية عطية بكلية الآداب جامعة القاهرة .
عملت راوية عطية فى
مجال الصحافة وظلت به لمدة ست سنوات وتدربت على يد الكاتبين الكبيرين مصطفى وعلى
أمين ثم موسى صبرى وحسن شاه ، وبعد عملها بالصحافة حصلت على دبلوم كلية التربية
وعلم النفس عام 1949 ثم دبلوم صحافة عام 1951 وكذلك دبلوم فى الدراسات الاسلامية..
مشوارها فى العمل
السياسى
بدأت راوية عطية
رحلة كفاح العمل السياسى الوطنى وكان عمرها 11 سنة ، حيث قادت مظاهرة طالبات من
مدرسة الأميرة فوزية الثانوية بنات احتجاجا على المستعمر ، حاملات العلم وطفن
بشوارع القاهرة الى أن وصلن شارع قصر العينى "بالقرب من وسط القاهرة"
حيث أصيبت برصاصة وحملتها هدى شعراوى على ذراعيها لتداوى جراحها
دخلت راوية عطية
الجامعة ، واستمر نشاطها من دون انقطاع فكانت طالبة بكلية الاداب جامعة القاهرة ،
عندما كانت تجرى مفاوضات رئيس مجلس الوزارء المصرى اسماعيل باشا صدقى مع وزير
خارجية انجلترا بيفين ،
راوية عطية .. رحلة كفاح جسدت أسمى معانى الوطنية
وقد اندلعت مظاهرات كثيرة فى الجامعة ، وأحاطت
الشرطة بحرم الجامعة ، وكان دورها فى هذا العمل اخراج زعماء الطلبة من هذا الحصار
حتى لا تعرف اسماءهم وتعتقلهم الشرطة ، فركبت سيارة إسعاف وكانت تدخل بها الى
الحرم الجامعى ، وتجهز أربطة طبية لهم حول رؤوسهم وأيديهم وأقدامهم حتى يبدو أنهم
جرحى ثم تخرج بهم من هذا الحصار وبعيدا عنه ثم تعود ..
وهكذا تمكنت من إخراج ما لا يقل عن 50 طالبا عن طريق سيارة الإسعاف ، وكانت
حينذاك عضوا فى اللجنة التنفيذية العليا للطلبة..
نائبة فى البرلمان
فى مايو عام 1957
فتح باب الترشيح لعضوية مجلس الأمة "مجلس الشعب"، ولأول مرة يسمح للمرأة
بالترشيح وفقا لدستور 1956 عندما أعلن الرئيس الراحل
جمال عبد الناصر حق المرأة فى الانتخاب والترشح ،
رشحت راوية عطية نفسها ، وتنافس أمامها سبعة مرشحات ، واستطاعت راوية عطية أن تحقق الفوز باكتساح الأصوات عن دائرة الجيزة ، لتصبح أول امرأة تدخل البرلمان المصرى فى 14 يوليو 1957 بينما أعلن نجاح أمينة شكرى فى 22 يولية 1957 عن دائرة باب شرق الإسكندرية بالرغم من أن مجلس الأمة 1957 لم يستمر سوى فترة وجيزة وكان برئاسة عبد اللطيف بغدادى عضو مجلس الثورة ..
وتحت قبة البرلمان ناقشت راوية عطية العديد من المطالب والتشريعات منها:
·
المطالبة بإنشاء مكاتب
للتوجيه الأسرى والإستشارات الزوجية ، وذلك لحل مشكلات الأسرة الاقتصادية
والاجتماعية والنفسية ،
·
كما طالبت بإقتراح
مشروع قانون بتنظيم الأسرة ،
·
كما طالبت
بتعديل مشروع لائحة الجامعات لتطويره
·
أيضا مطالبتها
الدائمة بفتح معسكرات لتدريب الشباب على حمل السلاح..
راوية عطية فى
ليمان طره
ابدت راوية عطية
رغبتها فى زيارة السجون المصرية بعدما قامت بزيارة بعض السجون فى الصين وشاهدت
النظم المتبعة فيها لمعاملة المسجونين ، فقامت بزيارة سجن ليمان طره و صعدت الى
الجبل حيث تنفذ عقوبة "الأشغال الشاقة" وما كاد نزلاء السجن يرونها حتى
تساءلوا عمن تكون هذه السيدة الجريئة ، ولما علموا أنها عضو مجلس الأمة تزاحموا
حولها وراحوا يقدمون لها شكاواهم ويشرحون مطالبهم ويبدون ملاحظاتهم على السجن وعلى
معاملتهم فيه ..
لم تتركهم راوية الا بعد أن جربت بنفسها عقوبة الأشغال الشاقة فأمسكت بالمعول وفلقت حجرا! غادرت راوية عطية السجن لتعد مشروعها الجديد الذى تنوى أن تطالب فيه بإلغاء عقوبة الأشغال الشاقة "تحطيم الأحجار وتفتيت الصخور" لأنها تنافى الإنسانية ..
قالت راوية عطية وهى تخرج من السجن : "يجب أن نعتبر القاتل مريضا ،
وعلينا أن نعالجه من مرضه بوسائل أخرى غير هذه ، وأن نتركه ليعيش مع ضميره أياما
طويلة كثيرة .. فهذا أجدى كثيرا من قطع الأحجار وتفتيت الصخور!"
أثناء زيارتها
للسجن علمت أن هناك سجينا واحدا فى الليمان لا يزوره أحد فتأثرت وطلبت أن تقوم هى
بزيارته بالنيابة عن أسرته وبالفعل سمح لها بزيارته ، وبمجرد أن تحدثت معه انخرط السجين
فى البكاء الشديد فهو حرم من عطف أسرته فترة طويلة وكانت زيارة راوية عطية عضو
مجلس الأمة بمثابة مفاجئة له ..
وحينما سألته عن
الدافع الذى جعله يرتكب جريمة القتل قال لها إنه الثأر ، فسألته : "ولكن هل
كان هذا يساوى حرمانك من أسرتك ، أو حرمان أسرتك منك؟"، فابتسم وقال لها
"أن أسرتى كلها معى هنا .. فى السجن!" وكانت مفاجأة ذهلت لها عضو مجلس
الأمة ، بينما مضى المسجون يفسر لها أن شقيقيه ارتكب كل منهما جريمة قتل للثأر
أيضا ، وأن الثلاثة يعيشون معا فى الليمان ..
لقبت أم الشهداء
1. بعد العداون الثلاثى على مصر التحقت راوية عطية بإدارة
الخدمات الطبية للقوات المسلحة ، وقامت بتدريب أربعة ألاف امرأة على الإسعافات
الأولية والتمريض لجرحى الحرب فكانت أول إمرأة ضابط في الجيش المصري وصلت لرتبة
نقيب..
2. لقبت راوية عطية ب أم الشهداء حيث أنشأت جمعية نسائية
لرعاية أسر المحاربين والشهداء ، وحل مشاكل أبناءهم ، وهو ما دفع الرئيس جمال عبد
الناصر أن يشيد لها قائلا: "لقد آمنت بكفاح المرأة المصرية من كفاح السيدة
راوية عطية " ذلك أثناء زيارتها إحدى كتائب المدفعية فى
منطقة بورتوفيق ، أثناء حرب الاستنزاف
3. وفى نكسة 1967 استقبلت راوية عطية الجرحى من الجنود
والضباط لتضميد جراحهم ، وكانت تقوم يوميا بزيارة الجنود على الجبهة عام 1973،
وكان الالتحام بين جميع مراكز الانتاج والخدمات ، وكان الغرض من هذه الزيارات رفع
معنويات القوات المسلحة ، وأعدت ما يقرب من مليونى هدية أخذتها بمجهودها من شركات
كفر الدوار والإسكندرية وغيرها لتقديمها للمحاربين على الجبهة ..
4. قامت راوية عطية بدور بارز فى حرب العراق والكويت ، حيث
قامت بدور إسعاف وتمريض ودورات دفاع مدنى للسيدات الكويتيات اللاتى حضرن من الكويت
، وأرسلت مع السيدات الهدايا الى الجنود فى حفر الباطن ، والى الجنود الكويتيين ،
وأرسلت رسائل أطفالهن إليهن فى الجبهة
تكريم راوية عطية
·
حصلت راوية
عطية على العديد من الأوسمة والتكريم نذكر منها :
·
نوط الجيش
الثالث لحرب أكتوبر المجيدة ودرع القوات المسلحة ودرع الجيش الثالث والثانى ،
·
تم اختيارها
الأم المثالية لعام 1976،
· نوط الواجب من الطبقة الأولى من الرئيس الراحل محمد أنور السادات لأنها خدمت فى العمل التطوعى لمدة 30 عاما.